ماذا تعني هذه الكلمة؟ العولمة ( مصغر كلمة عالم )،و في اللغة تعني ببساطة جعل الشيء عالمي الانتشار في مداه أو تطبيقه ‘ أي اجتياز الحدود والهيمنة ( السيطرة ) على العالم بأسره وصنع القرارات على كافة الأصعدة .
تفصيل وتمييز معنى العولمة
- لا يجب الخلط بين العولمة كترجمة لكلمة globalization الإنجليزية، وبين "التدويل" أو
"جعل الشيء دولياً" كترجمة لكلمة internationalization. فإن العولمة عملية اقتصادية في المقام الأول، ثم سياسية، ويتبع ذلك الجوانب والثقافية والاجتماعية أي زيادة الترابط بين المجتمعات وعناصرها بسبب ازدياد التبادل الثقافي، أما جعل الشيء دولياً فقد يعني غالباً جعل الشيء مناسباً أو مفهوماً أو في المتناول لمختلف دول العالم.
- أيضاً العولمة عملية تحكم وسيطرة ووضع قوانين وروابط، مع إزاحة أسوار وحواجز محددة بين الدول ؛ وواضح من هذا المعنى أنها عملية لها مميزات وعيوب، أما جعل الشيء دولياً فهو مجهود في الغالب إيجابي صرف، يعمل على تيسير الروابط والسبل بين الدول المختلفة.
والمصطلح يستخدم للإشارة إلى شتى المجالات الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وتستخدم العولمة للإشارة إلى:
• تكوين القرية العالمية: أي تحول العالم إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة منه مع التطور الهائل في المواصلات والاتصالات وتقنياتهما.
• العولمة الاقتصادية: ازدياد الحرية الاقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الأرض المختلفة.
• التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانونية المعقدة والاقتصادية من الوزن الثقيل لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية وذلك للاستغلال المجحف للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات.
ثقافة العولمة :
هي الطريق الذي تتبعه العولمة أو الأشخاص الذين يستطيعون التأثير فيها ، فهم يتبعون طرق التوحيد في كل شيء توحيد المتطلبات ، توحيد الاتجاهات والأموال والأسواق ونمط المعيشة وحتى الثقافة والتاريخ .
فالإعلام الذي ينتشر في كل مكان من العالم إعلام له نفس الهدف إن عبر القنوات التلفزيونية أو عبر الانترنت أو المجلات والصحف . هذا كله يجعل الجميع لهم نفس المتطلبات والرغبات وذلك يعني أن غالبية الشعوب على مستوى واحد من الثقافة أو في طريقهم إلى ذلك .
العولمة: قضية مثيرة للجدل
ولكون العولمة سلاحاً ذا حدين، أو عملية لها مميزات عظيمة وعيوب خطيرة في نفس الوقت، أصبحت العولمة موضوعاً خلافياً ومثيراً للجدل في شتى أنحاء العالم، وانقسم معظم الناس في العالم إلى قسمين:
• قسم يشجع الفكرة ويرى فيها كل خير وإيجابية ولا يرى عيوباً على الإطلاق أو يرى عيوباً ويقرر بصورة حاسمة أن التغلب عليها كلها يسير؛ ومعظم هذا القسم من الدول المتطورة والغنية.
• وقسم يشجب ويعارض الفكرة بتعصب ولا يرى فيها إلا كل سلبية وشر وجشع وظلم؛ ومعظم هذا القسم من الدول الفقيرة والنامية.
أهم ما يمكن قوله في قضية العولمة هي أنها فكرة في حد ذاتها ليست إيجابية وليست سلبية. أي أنها ببساطة فكرة، لها تعريفها الخاص، ويمكن استخدامها في الخير أو في الشر.
إذن فإن المشكلة أو الخطر ليس في قضية العولمة نفسها كفكرة أو عملية، بل في كيفية تطبيقها وفي عيوب الإنسان نفسه التي قلما من استطاع التغلب عليها، مثل الطمع أو الجشع وما فيه من ظلم الغير والحب الشديد للمال وحب القوة والتسلط والتحكم ....... وغيرها من عيوب الإنسانية.
والخوف الرئيسي من تطبيق العولمة اليوم في بداية القرن الحادي والعشرين، قد يكون من أسبابه الرئيسية هو تسلط الدول الأقوى في الوقت الحالي، على بقية دول العالم، وإتباع سياسات ظالمة للغير، وعدم احترام أي من القوانين الدولية، ومن هذا المنظور قد نظن أن معارضة العولمة قد تكون السياسة المثلى إلى أن يأمن الضعيف والفقير في هذا العالم على نفسه وماله ودمه، من الدول الأقوى والأغنى.
ولكن هناك الكثير ممن يدافعون عن العولمة، والدول الأقوى--خاصة مع المؤسسات العملاقة التي تؤثر في اقتصاد العالم كله التي قد تجبر كل دول العالم على الخضوع لقوانين العولمة الجديدة. وإن قاومت بعض الدول سياسياً، فإن الشعوب والمؤسسات والشركات لن تستطيع أن تقاوم اقتصادياً. هذا غير أن العولمة هي عملية ماضية في طريقها بدون توقف بالفعل، إن لم يكن سياسياً، فاقتصادياً وثقافياً بطريقة مكثفة. ومن كل ذلك قد نستنتج أن شجب ومعارضة الفكرة قد لا تكون الطريقة المثلى للتعامل مع قضية العولمة، بل يجب أن تتبع الشعوب والدول والمؤسسات سياسات أخرى من أجل جعل التأثيرات السلبية عليها في الحد الأدنى.
كيف نتعامل مع العولمة ؟
أول الطرق للتعامل مع أي قضية أو مشكلة هي دراستها، أي طلب العلم فيها. ولا يمكن أن تكون قراءة الجرائد اليومية وبعض المقالات الجانبية هي المصدر الوحيد لهذه الدراسة،لذا يجب أن تدرس العولمة بمنتهى الجدية،
وبناء عليه يأتي كل فرد بالحلول والمخارج التي تناسبه.