العمل الأول للروح القدس فى حياتنا هو: "التبكيت"... والتبكيت معناه: "إقناعنا بأننا خطاة، ونحتاج إلى التوبة"... ولهذا يعتبر الروح القدس أقنـوم التتـويب، إن
جاز التعبير. ولهـذا أيضـاً يصبـح
التجديف على الروح القـدس خطيـة
بلا غفران، لأنها ببساطـة خطيـة "رفــض
نداء التوبـة الصــادر مــن الــروح القـــدس، حتـــى
النفس الأخير!!" فإن رفـض الإنسـان التوبـة،
حتى النفس الأخير، فكيف يكـون لـه غفـران؟!
لقد أهمل، وقاوم، ورفض وسيلة التتويب، ونداء الروح، والدعوة المقدسة، حتى النفس الأخير. إذن، فليس له غفران لا فى هذا الدهر
- لأنه لم يتب - ولا فى الدهر الآتى - حيث لا فرصة للتوبة
بعد الموت!!
???
وتبكيت الروح القدس - مع أنه "مؤلم" للنفس - إلا أنه "مخلص"، ذلك لأنه يوخز الضمير، ويشعر الإنسان بأنه يسير فى الطريق الخاطئ، نحو مصير مظلم، فى الدنيا والآخرة. فالخطيئة مدمرة للمصير الإنسانى، لأنها :
?تدمر الروح : إذ تحرمها من الشبـع بالله،
فتصير عليلة وهزيلة، وقابلة للسقوط...
?وتدمر العقل : إذ تحرمـه مـن التركيـز
والإنتاج، فيصيـر مضطربـاً ومشوشـاً
ومنحرفاً...
?وتدمر النفس : إذ يرهقها الإحساس بالذنب،
فتصير تعيسة وبائسة وتفقد سلامها...
?وتدمر الجسد : إذ يصير عليلاً بسببها، فكـل
الخطايا تدمر الجسد. فالتدخين يدمـر الرئـة
والقلب، والخمر تدمر الكلى والكبد، والمخدرات
تدمر العقل، والنجاسة تدمر الجسد كله...
?وتدمر العلاقات : إذ يفقد الخاطئ ثقة من حوله، فيصير منبوذاً ومعزولاً ومرفوضاً...
لهذا فما أحلى تبكيت الروح لنا، وما أسعد من يخضع لتأثيرات روح الله فى حياته، لأن ذلك يقوده إلى التوبة، حيث :
?تشبع الروح : بالله، وبالخلود، من خلال الكلمة الإلهية، والتناول المقدس، والصلوات، والقداسات والإجتماعات والقراءات الروحية والأصوام والتسابيح والخدمة.
?ويشبع العقل : بالإستنارة بالإنجيل المقدس، من خلال القراءة والثقافة الكتابية والكنسية والعامة.
?وتشبع النفس : بالسلام الداخلى الرصين، من خلال الإعتراف الأمين، وفرص المحبة والأغابى والأنشطة
الكنسية.
?ويشبع الجسد : بالعافية والصحة والعبادة، فليس هناك خطيئة مدمرة أو عادة رديئة مسيطرة...
?وتشبع العلاقات : بروح المحبة وثقة الآخرين فينا، فتكون علاقاته ناجحة فى الأسرة والكنيسة والمجتمع، علماً بأن الكفاءة الإجتماعية هى إحدى مؤشرات الصحة النفسية.
مداخل الخطية (أمارتيا)
إن كلمة الخطيئـة باليونانيـة هـى
"أمارتيـــــــــــا"، ومعناهــا الحرفــى،
"عـــــــدم دقـــــة التصـــويب، وإخطــــــاء
الهــــــــدف"... وهـذا حـق، فالخطيئـة
هـى أن يكـون مؤشـر الحيـاة منحرفــاً
نحو المادة أو الذات أو الجسد، إذ تكون إبرة البوصلة تحت تأثير مغناطيسى، أو قوى جذب خارجية، بدلاً من أن تتجه نحو القطب السليم: الله والملكوت. وهذه القوى الثلاثة، التى يبكتنا عليها الروح، هى بالفعل "مداخل الخطيئة":
1- المادة: "محبة المال أصل لكل الشرور، الذى إذا ابتغاه
قوم، ضلوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة"
(1تى 10:6).
2- الذات: "من أراد أن يأتى ورائى، فلينكر نفسه، ويحمل صليبه، ويتبعنى. فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها،
ومن يهلك نفسه من أجلى ومن أجل الإنجيل، فهو يخلصها"
(مر 34:8،35).
3- الجسد: "لأن الجسد يشتهى ضد الروح، والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر... ولكن الذين هم للمسيح، قد صلبوا الجسد، مع الأهواء والشهوات" (غل 16:5،24).
وبالطبع يستغل عدو الخير هذه المداخل، لكى ما يجرفنا
عن هدف الحياة السليم، وهو ملكوت الله.. "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره.." (مت 33:6). ومعروف عن إبليس أنه "قتال للناس منذ البدء" (يو 44:8).
إن الإنسان كالساعة، التى يجب أن تسير عقاربها فى الإتجاه السليم، فإذا ما حاولنا أن نسير بالعقارب فى الإتجاه العكسى Anti Clock wise، تتدمر الساعة، ولا تعود تصلح لشىء.
ولقد لخص معلمنا يوحنا مجالات ومداخل الخطيئة، فى آية واحدة، حين قال: "لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد، وشهوة العيون، وتعظم المعيشة... والعالم يمضى وشهوته" (1يو 16:2).
كما كانت هذه المداخل، هى بعينها التى حاول الشيطان أن يجرِّب الرب من خلالها فى البرية :
1- تجربة الجسد: "قل أن تصير هذه الحجارة خبزاً..."
(مت 3:4).
2- تجربة الذات: "إن كنت إبن الله فأطرح نفسك إلى أسفل"
(مت 6:4).